الخميس، 9 يناير 2014

أشباح سوداء

و لقد نَسوا "أنفسهم" و  أشياء أخرى كثيرة تتعلق بهم . 
دُفِنت أرواحهم في مكان بعيد  فبقوا أجسادًا بلا أرواح , كالإنسان الآلي .
أصبحوا غارقين في دائرة مغلقة من الركض و الركض 
و المزيد من .. الركض! 
 هنالك طريق محدد يسير عليه الجميع , لا أحد يجرؤ على اختراقه قط .
 الجميع و الجميع بلا استثناء كانوا يسيرون وفقه.
و من  يحيد عنه كان يلقى حتفه 
 سواد غزير يحيط به , أصوات تحاصره من كل جانب  فتتسلل إلى داخله لتنثبط من عزيمته و تنثر فيه الخوف 
تقتل ما تبقى لديه من روح , أمل , حياة كي يعود مرة أخرى نادمًا إلى "الطريق الصحيح " .
و لكن هي ..أبت .
 أبت أن تصير جسدًا بلا روح . 
حية ميتة , بيدين متهدلتين , رأس مطأطأ , و أقداما تجر بعضها بعضًا.
قررت أنها ليست - و بالضرورة - أن تكون كالآخرين .
و أنها سوف ترسم طريقها بنفسها و بدون أي مساعدة .

ثارت 
 تمردت . 
خرجت عن المألوف .
 كان لا بد لها أن تواجه تلك الأشباح السوداء  
و قد كانت مصرة , فقد أخذت قرارًا قاطعًا بالتغيير .
و لكنها جاءت في منتصف الطريق .. منتصف الصراع و تزعزعت .
بدأت تتردد 
 تخاف 
تتسائل
 "ماذا لو " ؟!
- ماذا لو كنت مثلهم جميعًا ؟ 
- ماذا لو كان قدري أن أكون كذلك ؟ ماذا لو لم يكن أمامي خيار سوى ذلك ؟ ربما هم أنفسهم لم يكن لديهم خيار سوى أن يصبحوا هكذا!
ربما حاولوا .. قاتلوا.. قاوموا , ولكن لا فائدة ؟!
ماذا لو ؟!!

كانت تستحوذ عليها الفكرة يومًا بعد يوم . 
شحب وجهها , اصفر لونها , و بدأت تذبل كورقة خضراء هب عليها الخريف فاصفرت . 
أدركت مدى  جدية الموقف و مدى تأثيره  في حياتها 
 فقد بدأت تتساقط روحها قطعة تلو الأخرى .
بحثت عن بصيص أمل , ثقب نور و لكن دون فائدة .
كانت محاطة بأشباح سود .
يمتصون روحها على فترات .
سمعت دندنة آتية من خلفها .
اندهشت
فالتفتت 
فإذا بكائن صغير لا يتعدى طوله شبرًا , من نور .
قفز على يديها و وقف على كتفها و همس في أذنها قائلًا :
" تقدمي , لا تخافي
 لستِ مثلهم .
هم قد سلّموا زمام أنفسهم منذ زمن .
 و نسوا لمَ خلقوا ؟ و لمَ لا زالوا أحياء ؟!
لا يدركون مدى أهمية كل ذرة هواء يستنشقونها كل ثانية . 
في حقيقة الأمر هم لا يفقهون شيئًا عن الوقت
أهميته
  الدقائق , الثواني .
لا يعلمون أنها قد تشكل فارقًا كبيرًا في حياة المرء . 
إلى الأمام سيري بثبات و خطى واثقة 
فأنت لستِ مثلهم "
 كان لتلك الكلمات الأخيرة  و قع مناسب في نفسها  . 
حاولت أن تقف 
فسقطت 
فحاولت مرة أخرى
فسقطت 
فظلت تحاول حتى وقفت
  حتى ثبتت على قدميها 
وسارت ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق