الخميس، 15 ديسمبر 2016

أواخر 2016

العالم ينهار فوق رؤوسنا يا عزيزتي إميلي، وفوق رأسي بالأخص. وأنا كما تعلمين هشة بما يكفي فلا أستطيع مجابهته متساقطة عند أول منعطف.
الأسبوع الماضي قررت أن أجابه كل الأصوات في رأسي في محاولة فاشلة قد وضعت بها قليلا من الإيمان أن تنجح في محاولة لإقامة معاهدة سلام بيني وبين نفسي والأصوات المتزايدة  يوما بعد يوم، توجهت إلى الله وأطلت في سجودي وعلى الرغم من أنه يعلم بكل ما يحدث إلا أنني أخبرته مرة أخرى وأخبرته أنني -كما يعلم- هشة للغاية فلم أعد أقدر على مجابهة كل هذه المآسي وتخطي كل تلك العقبات وإكمال المسير كما كنت أفعل، حتى أنني لا أستطيع تمثيل القوة كما قبل. لم أعد أرغب في القيام مرة أخرى ومعاودة المسير..حقًا .. يعجبني منظور كل شيء من أسفل لم أعد أرغب بالمحاربة قليل بعد، لا يوجد ما يستحق.
"أنا حاسة إنه اتضحك عليا"
لقد فقدت إيماني بكل من وما حولي أشعر شعور المخدوع  انهارت كل مثلي وخيالاتي الوهمية التي قد ظننت أنها حقيقة مسلَم بها. اكتشفت يا عزيزتي أن كل المسميات ما هي إلا مسميات واهية... فلا صديق صادق ولا سند ولا ونس وكل هذه الترهات ولم أعد أدري أأنا المجنونة وجميعهم عاقلين؟! ذهبت إلى الطبيب الشهر الماضي في محاولة أخيرة بائسة لإصلاحي أو على الأقل لمعرفة سبب كل ما يحدث لي ومن حولي وكيف لي أن أتعامل معه دون أن أسقط في سابع أرضين كل مرة إلا أنه وللأسف هو أيضا فشل في مساعدتي.
"الحياة لا تحتمل..سامحوني"
لم أعد أحتمل الحياة حقا.. أشعر أن كل يوم هو يوم جديد من العذاب.. عذاب أن تقف مكبل اليدين والقدمين بروح ملعونة تطوف بعقلك صراخا لتشاهد بعينين يغلبهما اليأس العالم ينهار من حولك فوق رأسك وفي الأفق البعيد يلوح لك البعض ممن يستمتعون بحياتهم رغم المآسي والسواد لا تعلم أهم ليسوا مدركين لما يحدث أم أنهم قد استطاعوا التغلب او لنقل التعايش مع مآسيهم الخاصة؟
ما أعلمه حقًا يا عزيزتي أن الحياة حقا لا تحتمل ولا أدري إلى متى سأظل قادرة على المقاومة..
"اختلط الحلم بالواقع فلم أعد أدري أهذا وهم أم حقيقة؟"
امتزج كل بكل فلا أعلم ما أكتبه هنا له وجود في الأصل أم أنه مجرد ضرب من الخيال..حروف قد ارتبكت فخرجت في هيئة جملة غير مكتمله مشبعة بالغرابة التامة. أبحث كثيرا في بقايا ذاكرتي عن أحداث أمس أو أول أمس، عن الحديث الذي تناولناه صباحًا عن إجابات الأسئلة التي خرجت صارخة من فمي مصطدمة بك فلا أجد. اختلط شخصك الحقيقي بذاك الذي أريدك أن تكونه فما عدت أدري أهذه نسخة قديمة عنك أم قد تصبح أم هذه خيالاتي البائسة فحسب؟
"باستخبى فيك"
كنت أظن أنه من المفترض أن يهرب كل منا للآخر فيختبئ بداخله فيطمئن كل منا الآخر بأن الأمور لا زالت بخير وأنه على الأقل نحن سويًا هاهنا والآن، إلا أنني أخطات حين اكتشفت فجأة أنني أنا وحدي من يركض إليك وأنك لا زلت كتابًا مغلق.
"متتجوزوش يا جماعة.. خليكوا بعيد أحسن... بس بيبقى لطيف تقابل اللي بتحبه صدفة في طرقة البيت"
هل تتخيل أن نتقابل صدفة في طرقات المنزل ونحن تحت سقف واحد؟! هذه أحد الخيالات الأخرى التي سقطت صريعة أما فادحة الواقع. لا وقت يكفي للحديث لا وقت يكفي للحب لا وقت يكفي حتى أركض إليك باكية من قسوة العالم لأختبئك بداخلك فتجيرني من سوء نفسي لا وقت يكفي كي نكون سويًا كل يوم.
تتزايد يوم عن يوم قائمتي بالأشياء المتوجب علي فعلها، المفروضة منها كرها والمحببة إليّ إلا أنني زالعادة أضفها إلى قائمتي الوهمية وأشاهدها تبحر بعيدا عني مودعة إياها لأنني لست بخير بما يكفي كي أنهض من سريري وأركض وراءها ف محاولة تنفيذها.. في الواقع أنا لست بخير كي أنهض من سريري على الإطلاق.


الخميس، 12 مايو 2016

2


*تتصارع معي في كل مرة نتحدث فيها سويًا، تُسائلني لم أستمر في طرق بابه إن كان قد رحل ؟ لم أستمر في تعذيبه وتذكيره بما قد أضاعه من يديه نتيجة صمته؟
أقول لك لأننا نتحدث، نتحادث، يحكي كل منا للآخر، نتناقش، نتجادل ، إلخ. وأنت دون الجميع خير من يعلم ما معنى الكلمات بالنسبة لي، وكيف أنها تحمل ثقلي الداكن وترميه بعيدًا كمن يُلقي أعباءه إلى البحر فتحمله الأمواج بعيدًا نحو شاطئ آخر أو تبتلعه في الأعماق. لا أستطيع أن أكف عن الحديث معه يا عزيزي، لأنني أحب الكلام، أحب الحروف أحب الكلمات، أحب النقاش حول شيء لا يعلم أيًا منا ما الصحيح فيه وأين الحق والحقيقة، لكننا نتجادل، كل منا يُظهر شخصه ، كل منا يَبرز للآخر، حديث عن أي شيء وكل شيء. لا أستطيع اعتزال الكلام يا عزيزي، لقد اعتزلت كل شيء، اعتزلت الرسم، اعتزلت الكتابة، حتى القراءة اعتزلتها. لا أستطيع اعتزال الحديث ، أشعر بانطفاء روحي منذوية متلحفة بالصمت تلوذ به من قبح الواقع. كل شيء قد فقد معناه منذ زمن ، كل الكلام كل المعاني إلا أنني لا زلت أرغم نفسي على الشكوى، على الحديث أحيانًا كثيرة ثم أعود إلى صومعتي أخرى، حتى أشعر بأنني لا زلت على قيد الحياة، لا زلت أتألم لازت أشعر لا زلت أمتعض وأرفض، ما زال لدي رؤياي الخاصة بي والتي قد تصح في بعض الأحيان،لا زلت قادرة على إسداء نصائح حقيقية تؤتي مفعولها، لا زال لي وجود. كثيرًا ما أفقد الرغبة في الحديث لانعدام جدواها، وأنى للكلمات أن تصف بشاعة الواقع وما يفعله بنا؟! كيف للكلمات أن تتحمل عبء ما يعتمل في دواخلنا من عواصف وأعاصير وما تشتعل في أدمغتنا من حرائق؟! إلا أنني أجبرني بين الحين والحين على الصراخ حتى أذكرني وأذكر من حولي بأنني ما زلت حية، لم أتحول إلى نصف ميت ، لم تمت روحي وتنطفأ ويبقى جسدي حيًا منتظرًا دوره لكي يموت.
لم يبق لي أحد، حتى أنت لم تبق.
أفكر كثيرًا أنني أنا من كان ينبغي أن أرحل. إن نظرنا لأهمية الوجود فعمي بالطبع له الأفضلية، أما أنا فقد انتهت صلاحيتي منذ  زمن بعيد، منذ أن أتينا إلى هنا.

الأربعاء، 11 مايو 2016

1

قررت للمرة الثالثة على التوالي التداوي بالكتابة  إلا أنني آمل أن تكون هذه المرة جدية وأستطيع المداومة على هذا الفعل وأن تجدي نفعًا.
أعتذر عن كوني سوداوية طوال الوقت، لا أقدر على رؤية النصف الممتلئ من الكوب وإن رأيته لا أستشعره.
أعتذر عن توقفي عن المحاربة والاعتزال وعن فقدي جميع أسباب الحياة لعدم جدوتها في نظري.
أعتذر عن كوني متخذة قارعة الطريق منزلًا واقفة في الصف منتظرة أن يأتي دوري وأفنى دون أن أترك خلفي شيئًا يذكر.
لا أعتقد في وجود شعور أسوأ من شعور اللاجدوى، لا أحد يحتاجك فيرغمك على حب الحياة والبقاء فيها، ليس لك دور تداوم عليه يُجبرك على السير. لقد توقفت.
توقفت عن الدوران ولم تتوقف الأرض فأصبحت أصارع قانونها الكوني.
تزداد الأمور سوءًا متخذة أشكالًا عدة تداعبني بها كل فترة. اعتدت الأمر فلم يعد يُدهشني.
من فترة قريبة -ربما بضعة أشهر ماضية- امتلكت سببًا واحدًا يدفعني للحياة دفعًا، حتى أنني ظننت الأمر قد انتهى إذ فجأة بدون سابق إنذار أصبح العالم يتلون تدريجيًا كما كان. حتى أنني قد بنيت عليه كل آمالي القادمة، عدت لأحلامي عودة خائفة متوجسة مما قد يفاجئني به الواقع، إلا أنه وكما المعتاد قد استحال ركامًا ينحيني جانبًا هو الآخر، فلم أعد أدري هل أنا التي تحيل ما حولها رمادًا أم أنه يستحيل تدريجيًا من تلقاء نفسه؟

الثلاثاء، 8 مارس 2016

1*2016

1)
قبلني على وجنتي قبلة دافئة حنون فأصبحت لا أدرِي أأطر فرحًا أم أمتعض غضبًا لفعلته هذه فصرت كالسائر على حبل طويل بين ناطحتي سحاب يتأرجح بين هذا وذاك، فداخل متاقفز فرحًا وآخر يدحضه بالغضب الخجول.
2)لا أدري، فكل ما وصل إلى علمي من خلال أقاويلهم  لم يتبين لي صدقها  حتى الآن، ولكن ما أعلمه حقيقة أني أذوب جمالًا،  كالجليد ينصهر أمام سطوع الشمس، فأذوب أنا ممتزجة بجبال عينيه حتى نصير واحدًا فأشعر بالقرب والسكنى إليه* فلا أجد ما يصف كل هذا الجمال سوى قبلة خجول تنطبع على خديه.
3) أهكذا الأمر إذن؟ لم أعش العصافير الوردية والفراشات الملونة لم أر سوى فراشات زرقاء حزينة، لا أدري، أهكذا هو إذن أم أنني ضللت الطريق أم أنه قد أطفأني في حين أشعلته هو؟!
4) لا أدري عم يتحدث العشاق من اللهيب والتحليق وما إلى ذلك  ولكنني على الصعيد الآخر لا أستطيع أن أنكر ما يحيط بي من جمال أغرق فيه وبه إلا أنه ليس مستدام، فنعلو لحظة حتى نتخطى السماء ويصير كل شيء تافهًا لا أهمية له فنحن أكبر من كل هذا، نحن أسمى وأعلى، وفي أحيان أخرى أكاد أقسم أني سأرحل صافقة الباب ورائي دون أن تهتز لي شعرة ، فيختفي كل هذا في مواجهة كل القبح ليطغى وأرحل ناسية أن يومًا ما  كان هذا هو مركز الكون بالنسبة لي.
5) أعتقد أن الإفراط في سماع آراء الآخرين مضر بالصحة العامة، فيثنيك عن طريقك وإن لم تنثني فإنك في كل حال لا تتبين صحة ما يقولون ولا تراه ،فإذا تغاضينا عن فارق العمر والزمن والتطور الراكض خلف كل منا طالبًا بتغييره فلا يمكننا التغاضي عن الفروق الفردية وظروف كل فرد التي وجهته نحو نقطة معينة صائبًا أم خاطئًا قد خرج منها ثم قام بتنصيب نفسه للتحذير أو التبشير بما هو قادم بالنسبة لك. فإما أني قد ابتعدت كثيرًا بنمطي عما هو معتاد أو أنني أشبههم جدًا لدرجة أنني أغفل وجه التشابه بيننا فأنحى بعيدًا عنه.
6) قررت منذ عدة أيام أن أستعيد وعيي الذي فقدته منذ نحو عامين أو أكثر وأن أوقظ تركيزًا قد رقد أعوامًا  حتى نسي وجوده. إلا أنني أصبحت مشتتة أكثر من الأول ليُطرح بذهني سؤالًا هامًا عما إذا كنت قد تحسنت أم أن الأمور ازدادت سوءًا فحسب، إلا أنني ومن موقفي هذا أظن أنها قد ازدادت سوءًا فحسب. أعتقد أن اللاوعي المفرط ضارًا بقدر الوعي المفرط، فلم أكف عن التفكير في كل وأي شيء ومنطقته والبحث عن أسبابه بحثًا يعيدني ألف قدم للخلف بدلا من التقدم  ثم يتركني لأدور في دوائر مفرغة فلا أصل إلى النهاية حتى أجدني أعيد الدورة من جديد. ولم أعِ في السابق لأي شيء يدور خارج نطاقي أو يمس بي ولن يطالك سوى التجاهل عن غير قصد إذا حاولت إخراجي بعلم أو بغير علم منك أنني لست حاضرة إلا جسدًا أمامك فحسب. إلا أن عدم وعيي قد تسبب في كوارث عدة متوالية حتى خرجت الأمور عن السيطرة فأُلقى بي في اللامبالاة عريقة الحسب والنسب فأمسيت جسدًا خاويًا.
لم أعد إلى كاملي بعد، لا زلت أتأرجح بين المنطقة المفرطة والسقوط في هوة زمنية غير متواجدة، إلا أنني اليوم فحسب استطعت وبطريقة ما أن أوازن بين الأمرين، فغرقت حين كان الغرق متاحًا \مطلوبًا وتخلصت من المنطقة المفرطة حول لماذا تحدث لي كل هذه الأشياء أنا تحديدًا دون من حولي؟ لأجدني وبطريقة ما قد عدت أنا من جديد.