أعتبر سارة طبيبتي النفسية , باعتبار أن الأطباء النفسيين قد تم اقتصارهم في هذه البلد على المختلين عقليًا فحسب .
بحق الله كيف يعيش أولئك البشر بدون أطباء ؟!
ألا يدركون أنهم بذلك يتحولون أنفسهم إلى "معاتيه" !
جل ما تفعله سارة هو الإنصات .
غالبًا ما تعطيني حلولًا و تفتح عيناي على أشياء لم أدركها من قبل.
و أحيانًا أُخرى تلوذ بالصمت مستنجدة به لعدم امتلاكها حلولًا لما قد قلته .
و لكن يكفيني أنها "تنصت"
كم أنه من المثير للسخرية أنها أحيانًا تقص لي مواقف قد أثارت دهشتها فأؤنبها قائلة " كان ينبغي عليكِ فعل كذا و كذا"
و عندما أكون أنا نفسي في مواقف كهذه يصيبني الشلل.
و هنا ينطبق حرفيًا المثل الذي يقول " و قد ايه الكلام سهل " !
حاولت أكثر من مرة الامتناع عن الاستنجاد بها والإفصاح عما يُؤرِقُني كي لا أصبح مصدر إزعاج , فكل منا لديه ما يكفيه من أعباء كي يحملها , إلا أنني لم أستطع.
فإن امتنعت عن الحديث لا ألبث أن أنفجر بوجه شخص ما عما يلم بي
لا أستطيع أن أحمل عبء قلبي وحدي , فكأنما الكلمات أصابع تمسك بتلابيبي فتخنقني أو تصيح بي كلما آويت إلى النوم .
مما يدفعني للتساؤل , حقًا .. لمَ لا يوجد أطباء نفسيين للبشر العاديين هُنا ؟!!
من يعانون فقط من بضع مشاكل و أزمات , من يبحثون عمن يُنصت إليهم , و في أحلك الأوقات من ينصحهم ؟
على الأقل الأطباء لن يتذمروا أو يدَّعوا الإنصات !