الخميس، 12 مايو 2016

2


*تتصارع معي في كل مرة نتحدث فيها سويًا، تُسائلني لم أستمر في طرق بابه إن كان قد رحل ؟ لم أستمر في تعذيبه وتذكيره بما قد أضاعه من يديه نتيجة صمته؟
أقول لك لأننا نتحدث، نتحادث، يحكي كل منا للآخر، نتناقش، نتجادل ، إلخ. وأنت دون الجميع خير من يعلم ما معنى الكلمات بالنسبة لي، وكيف أنها تحمل ثقلي الداكن وترميه بعيدًا كمن يُلقي أعباءه إلى البحر فتحمله الأمواج بعيدًا نحو شاطئ آخر أو تبتلعه في الأعماق. لا أستطيع أن أكف عن الحديث معه يا عزيزي، لأنني أحب الكلام، أحب الحروف أحب الكلمات، أحب النقاش حول شيء لا يعلم أيًا منا ما الصحيح فيه وأين الحق والحقيقة، لكننا نتجادل، كل منا يُظهر شخصه ، كل منا يَبرز للآخر، حديث عن أي شيء وكل شيء. لا أستطيع اعتزال الكلام يا عزيزي، لقد اعتزلت كل شيء، اعتزلت الرسم، اعتزلت الكتابة، حتى القراءة اعتزلتها. لا أستطيع اعتزال الحديث ، أشعر بانطفاء روحي منذوية متلحفة بالصمت تلوذ به من قبح الواقع. كل شيء قد فقد معناه منذ زمن ، كل الكلام كل المعاني إلا أنني لا زلت أرغم نفسي على الشكوى، على الحديث أحيانًا كثيرة ثم أعود إلى صومعتي أخرى، حتى أشعر بأنني لا زلت على قيد الحياة، لا زلت أتألم لازت أشعر لا زلت أمتعض وأرفض، ما زال لدي رؤياي الخاصة بي والتي قد تصح في بعض الأحيان،لا زلت قادرة على إسداء نصائح حقيقية تؤتي مفعولها، لا زال لي وجود. كثيرًا ما أفقد الرغبة في الحديث لانعدام جدواها، وأنى للكلمات أن تصف بشاعة الواقع وما يفعله بنا؟! كيف للكلمات أن تتحمل عبء ما يعتمل في دواخلنا من عواصف وأعاصير وما تشتعل في أدمغتنا من حرائق؟! إلا أنني أجبرني بين الحين والحين على الصراخ حتى أذكرني وأذكر من حولي بأنني ما زلت حية، لم أتحول إلى نصف ميت ، لم تمت روحي وتنطفأ ويبقى جسدي حيًا منتظرًا دوره لكي يموت.
لم يبق لي أحد، حتى أنت لم تبق.
أفكر كثيرًا أنني أنا من كان ينبغي أن أرحل. إن نظرنا لأهمية الوجود فعمي بالطبع له الأفضلية، أما أنا فقد انتهت صلاحيتي منذ  زمن بعيد، منذ أن أتينا إلى هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق