الثلاثاء، 31 يناير 2017

2

عزيزتي إميلي في الناحية الأخرى من العالم، لقد كفرت بكل ما حولي، فقدت إيماني باليقين الشيء الوحيد الذي كان يبقيني حية.
كفرت بمعتقداتي، بالمبادئ والقيم وكل هذا الهراء. صحيح أن المثاليين يحكمون على من هم دونهم من أبراجهم العاجية، أما أنا يا عزيزتي ففي أسفل الجحيم.
جميعنا يعلم أن الأمور دائما ليست كما تبدو من الخارج، إلا أنها ليست كما تبدو من الداخل أيضا ولن تبدو كما هي عليه في حقيقة الأمر إلا إن كنتِ أنتِ صاحبة الشأن أو مررت بما يشابهه أو لديك ما يكفي من الآدمية لتشعري بالواقف أمامك وهو أمر لا نراه في حياتنا اليومية أو نجده.
أعتقد أن نصف آلام البشرية ستنتهي إذا اعتبر كل امرئ منا الماثل أمامه صورة أخرى منه فلا يرتضي له ما لا يرتضيه لنفسه.
عزيزتي إميلي كفرت بالحب، بالأمل وبالسند والونس، بالأمان. كفرت بالصدق، الوفاء، بالتضحية. كفرت بكل مسميات الحق وكل صوره فلم أجد إلا الباطل وجحوده.
في أسفل الجحيم لا تحكمين على الآخرين، في أسفل الجحيم تعلمين جيدًا ما معنى أن تكوني منبوذة،مكروهة أو حتى غير مرئية بالنسبة للآخرين، تعلمين جيدًا كيف تخطئين كيف تقلبين العالم رأسًا على عقب، لكنك أيضًا تعرفين قيمة النور وتقدسينه، تقدسين أدق التفاصيل التي يراها غيرك من المسلمات والتوافه وذلك لأنك تعلمين جيدًا أن الأمر لم يكن بتلك السهولة.
تعرفين معنى العطاء دون مقابل تعلمين معنى الجحود معنى الإنكار ترين القبح في أجلِّ صوره لكنك أيضًا تعرفين أن هذا القبح ليس سوى نتيجة مآسي سحيقة قد تركت آثارها على  هذا الشخص الماثل أمامك.
أنا في قاع الجحيم، سيكون أمرًا عظيمًا لو استطعت إيجاد طريقي للخروج لكنَي حتى الآن لا يبدو سوى  أنني أحفر قبري لأسفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق